يمر الوقت و يظل الصوت الذي بداخلك يهاجمك على أقل أفعالك و يحكم عليك أحكامًا لاذعة لا تعرف كيف يمكنك الخروج منها! أهنالك طريقة للهرب من ذلك الصوت ؟
“أنا لا أستحق!”، “أنا فاشل!”، “الجميع يكرهني!” و غيرها من الأصوات التي تطاردك و التي مهما حاولت لا يمكنك إيقافها.
في هذه المقالة سنتطرق إلى كيفية تقدير الذات في خمس خطوات عملية و بسيطة ،و نتعمق أكثر في الأسباب التي تؤدي لضعف تقديرك لنفسك ، و أهم العلامات التي يجب عليك أن تحذر منها. هيا نبدأ!
العناصر:
- ما هو تقدير الذات؟
- أسباب عدم أحترام النفس .
- علامات عدم تقبل الذات.
- خطوات تقدير الذات.
- الأسئلة الشائعة.
ما هو تقدير الذات؟:
قبل أن نبدأ في معرفة كيفية تقدير ذاتك، علينا أولًا فهم ما معنى هذه الكلمة ،و ما علاقتها بكل تلك الأصوات المزعجة!
تقدير الذات: هي طريقة رؤيتك لنفسك و للقيم التي تمتلكها، و تقبل كل ما تحمله نفسك من عيوب و التركيز على ما هو إيجابي. ينعكس ذلك على مدى ثقتك بنفسك و الطريقة التي تتعامل بها مع من حولك، و له دور كبير في قابليتك في مواجهة التحديات والعقبات.
كتدريب سريع لفهم مدى تقدريك لذاتك، دعنا ننظر لأنعكاسنا على المرآة للحظة. ما هو أول شئ خطر في بالك؟ هل هو أيجابي أم سلبي؟ إذا كان سلبيًا، فلا تحزن من ذلك، فأنت اللآن على الطريق الصحيح!
و لكن ما هو سبب تلك الأصوات، لما هي دائما سلبية و هادمة ؟ لما لا تستطيع حب نفسك مثل الآخرين؟
دعنا نتعرف أكثر على الأسباب التي تؤدي لعدم تقدير الذات بتعمق أكثر.
أسباب عدم أحترام النفس:
لم تأتي هذه الأصوات من العدم، فهنالك أسباب عديدة ينتج عنها ذلك
و هم:
تجارب و صدمات الطفولة: الإساءة و النقد المستمر و التنمر يؤثرون بشكل كبير على مدى تقديرك لنفسك، حيث ينعكس في طريقتك في التعامل مع نفسك و حبك لذاتك. يمكنك التعمق اكثر عن صدمات الطفولة و تأثيرها من هذا المقال.
المجتمع و التوقعات: ما يفرضه المجتمع من معايير قياسية يستحيل لك الوصول إليها، يجعلك تشعر بأنك غير كافٍ.
الفشل: عندما تخفق في أمرٍ ما أو تتعرض للرفض، تصبح هذه الفكرة السلبية عالقة معك، تعطلك من السير للأمام.
المقارنة بالآخرين: سواء على السوشيال ميديا أو بالواقع، فالمقارنة المستمرة تجعلك تركز على ما يملكه الآخرين و ينسيك ما تمتلكه.
الأفكار السلبية المتكررة: وجود العديد من الأحداث السلبية التي لا تحكم لك فيها، قد يشعرك بالضعف و قلة الحيلة.
قبل أن نتطرق كيفية تقدير الذات ،عليك أولًا معرفة العلامات التي يجب عليك أن تنتبه منها.
علامات عدم تقبل الذات:
جلد الذات المستمر: لا يمر عليك يوم دون أن تلوم نفسك على أخطاء قديمة أو جديدة. كأنك تقف في المحكمة و أمامك قضاة لا يوجد في قلوبهم ذرة رحمة، ينظرون إليك بكل احتقارٍ و تعالٍ، منتظرين منك المستحيل لإرضائهم.
نظرة سلبية للذات: لا ترى في نفسك سوى العيوب فقط، و إذا قام أحدهم بمدحك تظن أنه فقط يقوم بمجاملتك.
صعوبة التعبير عن الإحتياجات: تجد صعوبة في التعبير عن أحتياجك لأقل الأشياء. تشعر بخجل و خزي من رغبتك في الاهتمام و المحبة ممن حولك رغم أنه شئ طبيعي أن يحتاجه أي أنسان.
الخوف من التعبير عن الرأي: إذا صودف أن تواجدت في اجتماع في العمل أو مع الزملاء أو العائلة، فلا تحاول أن تبدي رأيك إلا بالتأييد لأراءهم، لأنك لا تريد أن يلتفت إليك أحد أو أن تزعجهم برأيك.
الشعور الدائم أنك لا تستحق: تشعر أنك لا تستحق أن تشعر بالسعادة ،لا تستحق أن تصل إلى منصب أعلى في العمل أو أن تكون متفوقا في دراستك ،لا تستحق أن يحبك أحد أو أن يسمعك أحد.
المقارنة الدائمة بالآخرين: تتسائل دائما عما فعل هؤلاء كي يصلوا إلى ما لم تستطع أنت الوصول إليه. كيف يمكنهم أن يعبروا عن أنفسهم بطلاقة دون خوف من أحد، كيف يمكنهم النظر للحياة بتفاؤل ،و لما لا تستطيع أنت أن تكون
مثلهم.
بعد أن تعرفنا على كل العلامات التي تدل على تدني أحترام و تقدير الذات، حان الوقت لنبدأ في كيفية تقدير الذات بشكل صحي.
خطوات تقدير الذات:
تكاثر الجدل في كيفية تقدير الذات، حيث أن البعض يربط حب الذات بأن تقوم بشراء كل ما يحلو لك و أن تفعل كل ما تريد!
و لكن هذا كله مجرد علاج سطحي مؤقت لا فائدة منه.
سنتحدث في هذه الجزئية عن خمس خطوات عملية و هامة لتقدير الذات.
أولًا: فهم ذاتك:
لن تستطيع أن تحب ذاتك دون أن تفهمها. دعنا ننظر إلى أنفسنا من الخارج دون نقد أو شعور بالخزي. أنظر إليه و تفهم أنه جريح منتظر منك أن تداويه، لا يريد منك سوى المحبة التي أفتقدها لمدة طويلة. استمع إليه و دعه يتحدث عما يؤلمه و ما يخيفه، أتركه يتحدث حتى النهاية.
أكتب عما تشعر به على مدار اليوم و ما الذي جعلك تشعر بالاستياء و ما الذي جعلك تبتسم اكتب عما تجده جيدًا فيك و ما تريد اصلاحه في نفسك.
ثانيًا: حدد اهداف لنفسك:
ابدأ في تحديد أهداف يومية صغيرة لنفسك، كتعلم لغة جديدة لمدة ساعة أو القيام بهواية تحبها.
اجعل وقتًا لنفسك للإسترخاء بعيدًا عن الناس و عن التفكير في أي شئ يزعجك.
إذا لم يكن لديك أي أهداف فهذه فرصة رائعة لإكتشاف و تجربة أنشطة مختلفة ، فما الضرر من المحاولة!
ثالثًا: حدث نفسك بايجابية:
أمدح نفسك و أثني عليها عندما تقوم بفعل جيد. كلمات مثل “أحسنت صنعًا” و “أنا فخور بك” أجعلها تتردد على لسانك.
أعط لنفسك مكافأة صغيرة على كل أنجاز، مثل: أن تحضر لنفسك مشروبك المفضل و تقوم بالاسترخاء.
رابعًا: حاوط نفسك باشخاص إيجابية:
ابتعد عن كل من يبث إليك الطاقة السلبية أو تجنبهم بقدر المستطاع. أبحث عن الأشخاص الإيجابية التي تنظر للحياة بتفاؤل، سرعان ما ستجد نظرتك للحياة تختلف تدريجيًا.
ستتسائل حينها قائلًا: “ماذا لو لم أجدهم؟”. لا بأس في ذلك، فربما تحتاج بعد الوقت لتصادق نفسك أولًا، و ستجد بعدها الأشخاص الإيجابية تأتي إليك فجأة دون أن تدرك السبب. ستجذب محبتك الصادقة لنفسك أشخاص يحبونك كما أنت.
خامسا: حافظ على صحتك الجسدية:
ابدأ في أتباع نظام غذائي صحي و متوازن، و ممارسة الرياضة بانتظام، و احصل على قسط كاف من النوم. كلما أهتممت بصحة جسدك كلما أصبحت صحتك النفسية أفضل.
في ختام هذا المقال أود أن أبرز نقطة مهمة و هي: أن الحب الحقيقي يبدأ من أنفسنا ليس ممن حولنا. مهما حاول الناس أن يظهروا محبتهم لك لن يكون ذلك كافيًا لتصدقهم.
عليك أولًا أن تحب ذاتك، لأنها تستحق الحب و تستحق أن تشعر بالسعادة!
إذا أعجبك المقال لا تنس أن تتابعنا على صفحتنا الرسمية كي يصلك كل جديد 😊
يمكنك أيضًا قراءة المزيد عني في صفحة من أكون، أو العودة للصفحة الرئيسية للأطلاع على مزيد من المقالات.
الأسئلة الشائعة:
- هل حب الذات يعتبر أنانية؟
لا، لأن الأنانية تعبر عن الحب المفرط للذات على حساب الآخرين، أما حب الذات فيعبر عن احترام ذاتك و تقديرها دون إلحاق الضرر للآخريين. - هل يمكن لحب الذات أن يكون سامًا؟
نعم، يمكن أن يصبح سامًا إذا كان يؤدي لإذاء الآخريين و التقليل منهم. - هل يمكن لتقدير الذات أن يتغير مع الوقت؟
نعم، تقدير الذات غير ثابت و يعتمد على طريقة تعاملك مع نفسك. - هل يمكنني حب نفسي حتى لو أخطأت كثيرًا في الماضي؟
بالتأكيد! فجميعنا يخطئ، و هذا جزء من كوننا بشر. تقبل الأخطاء في الماضي هو جزء أساسي من تقديرك لذاتك.
مقال رائع… شرحت الآلام النفسية بطريقة حلوة جداً وحسيت أني مفهومة. الحلول أيضاً واقعية وسهلة وممكن أي حد يعملها. شكراً لك.